Sunday, August 1, 2021

 محاربات الأمازون ............٣

اسطورة نساء الامازون، Amazons warrior, ، تعود بتاريخها عميقا في قلب الحضارة الاغريقية، غير ان الاكتشافات الحديثة لاتظهر فقط ان من الممكن ان يكون لها اساسا حقيقيا، وانما ايضا ان وهم ضعف المرأة هو خرافة ابتكرها الرجل لاقناع المرأة بقبول هيمنته، انتهت بإعطاء الاسطور مباركة الهية، لتثبيت صورة المرأة الضعيفة والمكسورة الجناح.
عندما اراد البطل الاغريقي هيركوليس (هرقل) Herakles, or Herkules, البرهنة على آهليته وقدرته كان مضطرا للخضوع لاثنى عشرة اختباراً، حسب الاسطورة. الاختبار التاسع اوصله الى معبد الاله القمر والذي لم يكن كبقية المعابد. في هذا المعبد لم يكن يوجد رجال وانما فقط نساء يرتدون ملابس الحرب، هؤلاء كانوا الامازونات. كانت مهمة هيركوليس اختطاف نطاق ملكة الامازونات هيبولتيس Hippolytes, الذي كان يملك قوة سحرية يسيطر فيها على الرجال. هرقل نجح في سرقة الحزام، بعد ان قتل الملكة وغادر المعبد تاركا الامازونيات بدون ملكة.
حسب الاسطورة الاغريقية، كانت نساء الامازون من نسل إله الحرب اريس مع ربة الصيد والقنص ارتيميس. غير ان مكان سكنهم كان على الدوام موضع خلاف. المؤرخين الاغريقين القدما مثل هوميروس وهيرودتوس كان كل منهم يملك قصته الخاصة. بعض المؤلفين ادعى ان الامازونيات كانوا يعيشون في افريقيا والبعض الاخر اشار الى ضفاف البحر الاسود او القوقاز. هيرودوتوس ، والذي يعتبر المؤرخ الاول، كان يؤكد انهم عاشوا شمال البحر الاسود في سهول اوكراينيا وروسيا وكازاخستان حالياً.
الاسطورة تصور لنا البنية الاجتماعية لقبائل الامازونات مجتمعات تقف على قمة هرمها النساء وحدهن. الرجال كانوا يعاملون كالعبيد وليس لهم اي رأي او قيامة، وغالبا كان يجري قطع احد اطرافهم من اجل ان لايفروا او حتى لايستخدموا السلاح. من اجل الحصول على اطفال كانت نساء القبيلة تزور القبائل المجاورة مرة في السنة لممارسة الجنس مع الذكور. في حال انجابهن ذكور، لقسم منهم يجري قطع احد اطرافهم والقسم الباقي إما يقتل او يرسلوهم الى آبائهم.
إضافة الى ذلك تروي الاسطورة ان الامازونات كانوا ومنذ الصغر يباشرون التدرب على الرماية والسباحة وركوب الخيل وفن الحرب والكر والفر. وترسم لنا صور ابداعاتهن في فنون القتال والحرب. بعض الروايات وصلت في تطرفها الى حد القول ان الامازونات كانوا يقومون بقطع الثدي الايمن من اجل تحسين القدرة لديهن على شدَ السهام الى الحد الاقصى، غير ان الاغريق رسموا صور الامازونات على اوانيهم وكانوا على الدوام يملكون زوج من الاثداء. تصوير الاواني على الاغلب هو الذي يعكس الصورة الحقيقية، لان عملية اجتثاث احد الاثداء ، في ذلك العصر، سيعرض المرأة لمخاطر التلوث والالتهابات والنزيف والموت.
لايوجد اي شك ان اسطورة نساء الامازون اصبحت جزء راسخا من ثقافة اوروبا بحيث ان نهر الامازون في البرازيل حصل على اسمه بسبب انه شاع ان احد الرحالة في مجاهل الامازون التقى بقبيلة نساءها مقاتلات.
لااحد يعلم مقدار الحقيقة في هذا الادعاء الذي انتشر على شكل شعر. بشكل عام يعتبر يتعامل الباحثون مع الاساطير على انها خيال محض، جرى ابداعهم وتأطيرهم بملحمة فنية وشعرية رائعة من اجل ان تصبح قطعة تعليمية ولحفظ الخبرات التاريخية للجماعة، او للاجابة على الاسئلة العظيمة، مثل: لماذا نحن موجودين، ولماذا نختلف عن البقية؟ ملحمة هرقل تنتمي الى الاسطورة، ولذلك يفترض ان احداثها ليست تاريخية.
ومع ذلك فإن مجموعة من اللقى الاركيولوجية تشير الى ان اسطورة نساء الامازون تملك جزء من الحقيقة. الاركيولوجيين الالمان والروس والامريكان ، والذين استغلوا في السنوات الاخيرة شمال البحر الاسود، عثروا على مقبرة تعود الى 2500 سنة ممتلئة بعظام النساء والسلاح. هذا الامر خروج عن المألوف، إذ ان القاعدة ان السلاح يمكن العثور عليه في قبور الرجال.