الشيخ و الامير 4
فقه العنف
----------
يُعتقد أن القضية ثارت بعدما بدأت الجماعة تواجه بعض المشكلات الداخلية نظرًا إلي اتساعها وتوزعها في الداخل والخارج خصوصًا أن شكري لم يكن يتحمل الخروج عنه ويعتبر كل خارج عن جماعته مرتدًّا عن الإسلام يجب قتله ولحدوث بعض أحداث العنف فيما بينهم بدأت هذه الحوادث تلفت نظر جهات الأمن ليكتشفوا أن وراء هذه الحالات من الاعتداء تنظيمًا دينىًّا كبيرًا يمكن في أي لحظة أن يتحول بالعنف تجاه النظام ...عندها ومع تكشف بعض أسرار التنظيم علي يد ضحاياه من المنشقين بدأت حملة اعتقالات لأفراد الجماعة.
ولم يجد شكري مصطفي بدًّا أمام هذه الضربات البوليسية إلا الرد متمثلاً في عملية اختطاف يساوم بها مع النظام علي الإفراج عن المعتقلين ، فكانت عملية اختطاف الشيخ الذهبي ثم إغتياله
.
الذهبي لماذا ؟
------------
الشيخ الذهبي عالم كبير ووزير سابق له وزنه في المجتمع ولدي الحكومة، وهذا الرجل قد بلّغ بالدعوة وعلمها جيدًا بدليل كتابه الذي يرد علي أفكار التنظيم فكرة فكرة...فلم يكتف الشيخ برفض أفكار الجماعة ، بل أعلن موقفًا مناهضًا لها، بالإضافة إلي أنه كان هدفًا سهلاً ولا توجد عليه حراسة,
.
منذ اللحظة الأولي كان موقف الحكومة - ممثلة في رئيس وزرائها وزير الداخلية السابق "ممدوح سالم" - هو عدم التنازل والمواجهة ، لكنها أوهمت الجماعة بالرغبة في المفاوضات بغية كسب الوقت وتأخير قتل الرهينة حتي تستطيع تحديد المكان وإعداد خطة لتخليص الشيخ وبينما كانت تجري مع الجماعة مفاوضات صورية كان عملاؤها يمسحون القاهرة طولاً وعرضًا بحثًا عن الضحية، وتركز بحثهم علي الشقق المفروشة، وبالصدفة اشتبهوا في إحدي الشقق كان اثنان من ضباط الشرطة يسألان عمن يقيم بالشقة المفروشة رقم واحد شارع محمد حسين بشارع الهرم، فرفض مستأجروها الإدلاء بأي بيانات مما أثار الشكوك وبمهاجمة الشقة عثر بداخلها علي شخصين من الجماعة هما (أحمد نصر الله حجاج وصبري محمد القط)، وعُثر علي مدفع رشاش وألف طلقة ذخيرة، ورسم كروكي لبيت الشيخ الذهبي، وخطابات متبادلة بين أعضاء التنظيم، وأوراق أخري كان من بينها عقد إيجار فيلا مفروشة في شارع فاطمة رشدي في الهرم ، وفي أثناء التفتيش حضر شخص ثالث، ما إن شاهد رجال الأمن حتي حاول ابتلاع ورقة كان يحملها، فمنعوه، وأخرجوها من فمه، وتبين أنها رسالة بنقل جثمان الدكتور الذهبي من الفيلا المفروشة علي عربة كارو، بعد إجراء عمليات التمويه، لتُلقي - مع النشادر - في مصرف قريب ، فتم مهاجمة الفيلا المفروشة وعثر علي جثة الشيخ الذهبي.
.
بدأت عملية مطاردات واسعة أدت إلي سقوط معظم أفراد الجماعة بينما كان شكري يقيم في إحدى الشقق المفروشة بمنطقة "حدائق القبة" مع زوجته (شقيقة محمد النجار مسئول التنظيم) ، وعلى الرغم من أنه لم يكن أحد من الجماعة يعلم مكان إقامته ، فقد شعر بضيق الخناق عليه فبدأ في البحث عن مكان أكثر أمانًا وحين عودته لم يجد القميص الأسود منشورًا في البلكونة فعرف أن الشرطة قد هاجمت المكان فعاد يسير في الشوارع على غير هدى ، وبعد أن تعب من السير هداه تفكيره أن يركب القطار إلي بنها حيث توجد خلية مؤمَّنة يستطيع اللجوء إليها لإخفائه ، ومن التعب والإرهاق وعدم التركيز ركب قطار المرج بالخطأ ، وعندما اكتشف ذلك قرر النزول في محطة عزبة النخل لوجود بعض أتباعه بها وسار يجر قدماه في شوارع القرية غير قادر علي الاهتداء إلي البيت الذي يسكنون فيه والنسوة أمام البيوت يتطلعن مرتابات إلى هذا الغريب ذي اللحية الطويلة والملابس القصيرة، زائغ النظرات ، وبالصدفة يلتقي به مخبر كان يعمل في السجن الحربي ويعرفه جيدًا ،فيمد المخبر يده بالمصافحة ويمسك بيد شكري بشدة ويسأله عن اسمه وعندما يرد عليه باسم آخر يقول له: بل أنت شكري مصطفي ويقتاده إلي نقطة الشرطة!!
في 30 مارس عام 1978 بسجن الاستئناف بالقاهرة تم تنفيذ حكم الإعدام في كل من:
- شكري أحمد مصطفي- أحمد طارق عبد العليم- أنور مأمون صقر- ماهر عبد العزيز بكري- مصطفي عبد المقصود غازي.